حينما يغدو العالم صاخبًا للغاية

February 5, 2025⏱️ 2 min read

في خضم ضجيج وسائل التواصل الاجتماعي، تعكس هذه الكلمات خيار صون اللسان والقلم — وبناء القيم في صمت، على أساس الإيمان والمسؤولية.

حينما يغدو العالم صاخبًا للغاية

في زحمة صخب الإعلام الاجتماعي في زماننا، كثيرًا ما أشعر بالغربة.
وليس ذلك عجزًا عن التكيف، بل إدراكًا أن العالم الرقمي قد غدا صاخبًا حدّ الإنهاك.
أصوات كثيرة، صور متلاحقة، ووجودات تُفرض فرضًا.

لستُ غافلًا — أعلم أن هناك محتوى نافعًا، تعليميًا، وربما مؤثرًا في القلوب. لكن الغالبية؟ مسرح للعرض، وساحة لمسابقة الأوهام، ومقارنات لا تنتهي. شيئًا فشيئًا، ننسى من نكون حقًّا.

اخترت ألّا أنغمس كثيرًا.
ليس لأنني لا أقدر، بل لأنني أعلم إلى أين قد ينجرف قلبي.
وسائل التواصل لم تعد مجرد منصات للمشاركة، بل أصبحت ميدانًا للتنافس:
من الأنجح، من الأجمل، من الأغنى.
وبلا وعي، نشاهد ونحن نحسد، نتصفح ونحن نغفل، ونعيش ونحن نضيع الوجهة.

﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾
— سورة ق: 18

هذه الآية تدفعني للتفكير مرارًا: ما أكتبه، ما أعلّق به، وما أُظهره — كله يُسجَّل. لا يغيب منه شيء.
أدركتُ كم أوقعنا العالم الرقمي في مسار وجود زائف.

قال رسول الله ﷺ:
«إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالًا يرفعه الله بها درجات، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالًا يهوي بها في جهنم»
— رواه البخاري ومسلم

لا أريد أن أستهلك وقتي في إثبات إنجازاتي،
بل أريده أن يُستهلك في بناء القيم.

وهذا لا يعني أنني ضد التقنية، لا.
ما زلت أبني العلامة التجارية، وأطوّر الأنظمة، وأستثمر التقنية بذكاء.
لكنني لا أريد أن أفقد هويتي في ضجيج الخوارزميات.

﴿إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ﴾
— سورة فصلت: 30

فأنا أؤمن أنه حين ينشغل الناس بالظهور،
يمكنني أن أختار البناء في الخفاء.
وحين تضج الدنيا بمواضيع رائجة زائلة،
أريد أن أبقى ثابتًا على طريق ذي قيمة أبدية.